دراكولا المشاعر
-آوه ... لايعرف المرء كيف يقضي وقت فراغه هذه الايام .
قالت (رولا) ذلك وهي تطلق آهة صغيرة لشدة ضيقها ولجهلها للوسيلة التي تمكنها من ان تشغل بها وقت فراغها ثم استطردت تكلم نفسها .
-ان المرء يصاب بالجنون في اوقات فراغه اذا ما غابت عنه الوسيلة التي تمكنه من قتل كل هذا الوقت .
ولكنها استغربت من استخدامها لمصطلح قتل الوقت , واطلقت بعدها ضحكة خفيفة فهي ترى انها على غير عادتها هذه الايام , فقد استخدمت الكثير من المصطلحات الغريبة التي لم تكن تتصور انها قد تكون يوما تنطبق على شخصيتها , فهي غالبا ما تستخدم ابسط الكلمات وارقها التي تنسجم مع طباعها وشخصيتها الهادئة كما عرفها كل من حولها ثم جال في فكرها ان تقضي وقتها في قرأة احد الكتب حتى يحين موعد عشاء العمل الذي كان من المفترض ان تحظره لكونها سكرتيرة السيد (شريف السامري ) احد اكبر رجال الاعمال .
دخلت (رولا) غرفة المكتبة في شقتها ونظرت الى الرفوف التي امتلأت بالكتب فقد كانت من هواة المطالعة وقد وقع بصرها على كتاب لم تذكر انها ابتاعته وكان عنوانه ( شخصيات واساطير ) واخذت الكتاب وتطلعت الى الساعه المعلقه على احد جدران الغرفة , ثم جلست على الاريكة الحمراء التي ابتاعتها خصيصاُ لهذه الغرفة حيث تشعرها بالراحة عند جلوسها عليها لقرأة احد الكتب .
فتحت ( رولا ) الكتاب بعد ان تطلعت بضع لحظات الى عنوان الكتاب في محاولة منها لتخيل محتواه , وقلبت بضع صفحات واستقرت على عنوان الشخصية الاولى وهو ( دراكولا ) واكملت تقرأ الاسطر الاولى بصوت مسموع كما هي معتادة :
(دراكولا) , و اسمه الحقيقي (فلاد تيبيس) , هو شخصيه حقيقة وليست اسطوريه , نسجت حوله الكثير من الحكايات و نسبت له الكثير من الافعال المرعبه التي نقلته الى عالم الشخصيات الأسطوريه.
ولد (فلاد تيبيس) في رومانيا في شهر نوفمبر 1431 م , وفي نفس العام, قام الامبراطور (سيغيسمند) بتعيين والده (دراكول) كحاكم عسكري لـ (ترانسلفانيا) .
تم اطلاق اسم (دراكولا) عليه نسبة الى والده (دراكول) حيث ان كلمة دراكولا تعني ( ابن دراكول)
تم اطلاق اسم (دراكولا) عليه نسبة الى والده (دراكول) حيث ان كلمة دراكولا تعني ( ابن دراكول)
-عبثاُ تحاولون ايها الكتاب في جعلنا نصدق الخرافات التي تكتبونها .
قالت (رولا) ذلك واغلقت الكتاب الذي بيدها , بعد ان اتمت قرأة الموضوع , ثم سألت نفسها بعض الاسئلة , هل ما كتب حقيقي ؟ ... وهل صدقت ما كتب أم انها تحاول ان تخفي ذلك في محاولة منها لكي تطمئن نفسها للتخلص من ذلك الموضوع المخيف ؟ وهل ان العالم الحقيقي يخلو من هذه الشخصيات ؟
-بالطبع ... لا اعتقد ان هنالك وجود لمثل تلك الخزعبلات كلها مجرد قصص واساطير.
قالت ذلك واخذت تفكر في في تلك العقول التي كانت تروي تلك الاساطير وكيف كان الناس يتقبلون مثل ذلك الكلام , واستمرت تفكر حتى قطع تفكيرها صوت رنين الهاتف المحمول فاسرعت لترد على المتصل واذا به صوت السيد (شريف).
-مرحبا ( رولا ) هل انتي جاهزة؟
-اجل انني جاهزة .
قالت (رولا) ذلك بتوتر شديد حيث انها لم تكن تعلم ان الوقت قد داركها ولم تتنبه الى الوقت حتى اتصل بها السيد (شريف) .
-حسنا ساكون عندك بعد نصف ساعة من الان ... الى اللقاء .
-الى اللقاء.
تركت (رولا) الهاتف المحمول على الطاولة حيث كان , واسرعت لكي تجهز نفسها فلم يتبق لها متسعا من الوقت .
اطلقت (رولا) تنهيدة عميقة بعد ان سمعت صوت الهاتف المحمول وهو يرن في اشارة منه على وصول السيد شريف اليها وقد كانت في اتم الاستعداد للنزول اليه للذهاب لذلك الموعد.
ركبت (رولا ) السيارة الفاخرة التي كان يملكها السيد (شريف) , حيث ان الاخير لم يتكلم خلال الرحلة الى المطعم في احد فنادق الدرجة الاولى,واتخذت هي بدورها جانب الصمت ايضاُ , وعند وصولهم دخل الاثنان الفندق في طريقهم الى المطعم , وساعدهم في ذلك احد المسؤولين على الخدمة في المطعم للوصول الى المائدة التي حجزوها لذلك العشاء .
وما هي الا لحظات حتى جاء السيد ( هاني هوستون ) وبعد ان القى التحية عليهم جلسوا وبدأ السيد (هاني ) في الكلام مع السيد (شريف) في مواضيع عامة , وكانت (رولا) في ذلك اليوم تجلس بهدؤ تام كأنما يشغل بالها امر ما ! وقاطع تفكيرها السيد (هاني) بسؤاله اياها :
-مالذي يشغل بالك يا انسة (رولا) يبدو انك لست معنا ؟
وقد احرجها سؤاله ولم تعرف بما ترد فقد كانت فعلا وكأنها ليست معهم , ولكنها حاولت الهروب من هذا الموقف المحرج وقالت :
-على العكس انا معكم لكن كان هنالك سؤال معين يشغل بالي لم اعرف له رد !
-وما هوه هذا السؤال ؟
-لا اعرف اذا كان من حقي ان اسئله لكن يمكنك ان تعتبره مجرد فضول .
قالت ذلك وارتسمت على وجهها ابتسامة خفيفة .
-لا عليكي قولي ما بخاطرك .
-كل ما هنالك اني اعلم بانك رجل اعمال تحمل الجنسية الانجليزية ولكنك من اصول عربية حيث ان اسمك الاول (هاني ) ولكن اسمك الاخير لا يشير الا انه اسم عربي .
-أجل هذا صحيح , وكل ما في الامر ان الاسم الاخير ليس الا لقب عائلة والدتي الانجليزية وقد استخدمت هذا اللقب لكي يساعدني في عالم البزنيس لان هذا اللقب يعود الى عائلة عريقة منذ زمن بعيد وهذا يساعد بشكل كبير في عالم البزنيس .
قال ذلك وسالها مجددا وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة خفيفة :
-هل هنالك سؤال اخر تحبين ان اجيب عليه ؟
-لا ابدا .
قالت ذلك وهي ترى النادل في طريقه اليهم حاملا معه قائمة الطعام الخاصة بالمطعم , وبعد ذهاب النادل سمعت صوت السيد ( هاني ) يقول :
-هاه ... مالذي سنتناوله الليلة ... يبدو انني ساتناول بعض شرائح السلمون المدخن وبعض العصير .
وعندها استدار الى (رولا ) وسألها:
- وانتي مالذي تودين تناوله ؟
-انا ساتناول قطع اللحم المشوي مع الصلصة الفرنسية .
ونظر الاثنان الى السيد ( شريف ) لمعرفة مالذي سيطلبه , ولكن رده كان غريبا بعض الشيء بالنسبة ل ( رولا)
-انا ساترك الامر ل ( رولا ) فهي على علم بما احب ان اتناوله .
اخذت ( رولا ) تفكر قليلا بما قد يحب السيد ( شريف ) , فقد كان الموقف محيرا , لانها لم تكن تعرف ما يحب لانها لم تكن تخرج معه في هذه اللقاءات الى ما ندر ... واغلبها كانت دعوات غذاء . وبعد ان اختارت له وجبة معينه كان يشتهر بها المطعم اخذت تفكر بالسبب الذي دفع السيد (شريف ) لقول مثل هذا الكلام .
وبعد انتهاء هذا اللقاء استقل الاثنان السيارة الفاخرة في طريق العودة , وعندها سمعت صوت السيد ( شريف ) يقول :
-لقد كنتي جميلة هذه الليلة .
-شكرا لك سيد ( شريف ) .
-لاداعي للشكر هذه حقيقة , رغم انك لم تكوني على عادتك هذه الليلة .
-مالذي تقصده ! ... هل اعتبر هذا سؤال .
-وكيف أسالك في أمر وانا متأكد منه , فقد كنتي شاردة الذهن اغلب الوقت .
لم تعرف بماذا تجيب فاستقر رايها على ان تلتزم الصمت حتى تصل الى شقتها وبذلك تتخلص من الحوار الذي قد يدور بينهم فهنالك الكثير من الاسئلة التي قد يطرحا السيد ( شريف ) والتي لا تمتلك لها اي اجابة , لكن خطتها لم تنجح , حيث انها فوجئت بكلامه عند صولهما الى شقتها حين قال :
-انا سعيد بدعوتك لي لتناول فنجان من الشاي .
لم تعرف بما تجيب على كلامه , فقد كانت تتجنب وجودها معه في شقتها , فذلك يفتح طريقا لكلام الناس عنها اذا ما رأها احدهم ... لكنها وجدت نفسها مرغمة على دعوته وقالت .
-اعتقد بانني ساكون سعيدة اذا ما لبيت دعوتي .
قالت ذلك وجال في خاطرها اسئلة عدة , مالذي يفكر فيه ؟ لماذا تعمد احراجها مرتين هذه الليلة ؟ مالذي ينوي فعله ؟
-تفضل بالجلوس يا سيد (شريف) ريثما اعد الشاي .
قالت ذلك بشيء من التوتر بعد دخولهما الشقة , عندها قال السيد ( شريف ) :
-أولا نحن الان لسنا في العمل لكي تقولي السيد ( شريف ) لا داعي للتكلفة بيننا ونحن هنا وحدنا .
قال ذلك وهو يقترب منها ويمسك بيدها ليقربها منه,وبعد وقفت امامه اقترب منها اكثر وهمس في اذنها بصوت خفيف:
-ثانيا فلتعلمي انني لا اشرب الشاي في وقت متأخر.
لم تستطع ان تتكلم في بادئ الامر , بعد احست برعشة خفيفة تسري في جسدها اثر انفاسه التي تخللت بين شعرها عند اقترابه منها , وقد احس هوه بذلك وعندها قال :
-لا داعي للتوتر , انه امر طبيعي ان نكون لوحدنا في مكان مناسب بعد ليلة جميلة قضيناها معا .
وحاولت (رولا ) ان تنطق بضع كلمات لكن شدة توترها لم يسعفها , وقاطعها (شريف) بعد ان احس بمحاولتها لافلات يديه , وضمها الى حضنه بقوة في محاولة منه لاضعافها :
-لاتنكري بأن ما نحن فيه الان هو نفسه ما كنا نريد .
وعندها استجمعت ( رولا ) قواها وابتعدت ثم قالت :
-مالذي تقوله ؟ ومن كان يريد ذلك ؟ قد تكون انت من اراد هذا الامر لكن انا فلا .
-لكي كل الحق في ان تخافي مني بعد ان عرفتي بكل مغامراتي التي قمت بها مع مختلف النساء , ولكن بخبرتي هذه استطيع ان اقول انني متاكد من انك ترغبين بذلك .
قال ذلك وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة ساخرة تحمل بين طيات شفتيه امرات النصر , مع ذلك فقد احست ان ما قاله صحيح , فهي لطالما حلمت بهذه اللحظه لكن ما يمنعها عن التفكير بالامر هي نفسها تلك المغامرات الذي ذكرها . فقد كانت تخشى ان ينتهي بها الامر ان تكون احدى ضحاياه وقاطع تفكيرها صوته الرجولي بعد ان احست باقترابه منها :
-لطالما احسست بحبك لي رغم علمي بخوفك مني وجهلك ما قد يصيبك وانتي معي .
-اجل ذلك صحيح ... انا احبك لكنني اخافك .
ومرة اخرى اخذها بين احضانه واقترب منها هامساُ :
-لا داعي لان تخافي من تحبين , فلن تحصلي منه الا على تلبية رغباتك .
وعندها ابعدها عنه وكانه كان يتعمد القيام بذلك فقد كان يعلم مدا ارتياحها لتلك اللحظه ولكنه اراد بذلك ان يشعل في داخلها ثورة الحب الصامت الذي يأجج كل المشاعر المكبوته , وعندها قال :
-يبدو ان ذوقك جميل , فكل ما اراه حولي رائع و متناسق .
واخذ يجول في ارجاء الشقه حتى وصل المكتبة وقال :
-ارى انك تحبين القرأة .
- اجل هذا صحيح .
لم تكن (رولا ) تستطيع ان ترد باكثر من تلك الكلمات , ثم سمعته يردد اسم الكتاب الذي قرأة فيه :
-شخصيات واساطير .
وقلب بضع صفحات من الكتاب وقرأ الاسطر الاولى من الموضوع الذي يدور حول دراكولا ثم قال :
-هل تصدقين بهذه التفاهات ؟
عندها اقتربت منه (رولا) وقد ظهرت في عينيها جرائة شديدة وتحد كبير وقالت :
-اجل اصدق ذلك .
-كيف ؟
-ما قراته انت دراكولا مصاص دماء ضحاياه الكثير من الاشخاص , ومن اعرفه انا دراكولا يمتص المشاعر وضحاياه من النساء .
وعندها جرها نحوه بشدة وطبع على شفتيها قبلة جعلها تتهالك بين احضانه .
تمت بحمده
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق